خطوات كتابة البحث التاريخي
البحث التاريخي هو البحث الذي يتناول دراسة الأحداث و الوقائع التي حدثت في الماضي ، ومن خلال البحث التاريخي يستطيع الباحث كشف الحقائق و أشياء غير موجودة و لم يتم دراستها و الاطلاع عليها من قبل، و بإمكانه الإجابة على كثير من الأسئلة التي تخص مادته ، ومنهج البحث في علم التاريخ يقوم على إعادة بناء أحداث الماضي بطريقة أقرب إلى الدقة ، فيستطيع الباحث تقييم العلاقة بين الماضي و الحاضر، و يعطيه ذلك إمكانية التنبؤ بالأحداث التي سوف تقع بالمستقبل.
كيفية كتابة مقدمة البحث التاريخي :
تكمن أهمية كتابة مقدمة البحث كونها المعبر الأول عن موضوع ومحتويات البحث، فهي مهمة في فهم القضية قبل الاطلاع على التفاصيل، فيجب أن تعبر عن طبيعة البحث و جوانبه ، ومقدمة البحث تشغل بال الباحثين كثيرا، نظرا لدورها في التعبير عن أهمية البحث، ومن هنا سنتحدث عن العناصر التي يجب أن تتضمنها مقدمة البحث :
- الجمل الافتتاحية : لابد من البدء بجمل افتتاحية مدروسة و جذابة ،تتعلق بشكل مباشر بموضوع البحث .
- استعراض الفكرة الأساسية للبحث: يقوم الباحث بذكر موضوع البحث ، و سبب اختياره ، و أحيانا يلمح الباحث إلى نتائج البحث لزيادة عنصر التشويق .
- ذكر العناوين الفرعية: ينوه الباحث عن العناوين الفرعية للبحث و يناقشها لكن دون إطالة فذلك غير مرغوب في مقدمة البحث.
- الدقة اللغوية: على الباحث تجنب الوقوع بالإخطاء النحوية و اللغوية و من الجدير تدقيق بحثه من قبل مدقق لغوي في حال عدم تمكنه .إضافة للاهتمام بالقواعد الإملائية و النحوية و استخدام علامات الترقيم.
خطوات البحث التاريخي:
و هي نفس الخطوات في الأبحاث الأخرى، والتي هي:
الخطوة الأولى : اختيار موضوع البحث :
إن كل بحث تاريخي يتطلب اختيار مشكلة معينة من المشكلات التاريخية التي تتطلب بدورها بحث و دراسة وتقصي ،و هناك معاير لاختيار موضوع البحث والتي هي :
- المكان التي وقعت فيها أحداث المادة التاريخية .
- الأشخاص الذين تتصل بهم أحداث .
- زمن حدوث الوقائع و أسبابها .
- أنواع النشاط الإنساني الذي يدور حوله البحث.
الخطوة الثانية : تحديد مشكلة البحث :
و هنا نقول "مشكلة" بدلا من موضوع لأن المشكلة تعني أن الموضوع مازال لديه مشكلة تحتاج للبحث.
وهنا يختار الباحث المشكلة بحيث تكون سهلة التناول و تتوفر لها بيانات كافية و قراءات وافية في مجال البحث. وتقوم عملية تحديد المشكلة بتوضيح واقع و أبعاد و حدود الموضوع المراد بحثه ، وهذا يتطلب من الباحث اطلاع كبير في مجال بحثه.
الخطوة الثالثة: تحديد مصادر البيانات و المعلومات التي تم الاعتماد عليها:
يقوم الباحث بجمع كافة المصادر الأصلية التي تتعلق بموضوعه, والتي سيعتمد عليها لإنجاز بحثه. وقد تكون هذه المصادر وثائق ,صحف ،كتب، مخطوطات ،مذكرات شخصية، رسائل، وصايا، أثار و شواهد تاريخية .
وتنقسم مصادر المعلومات في البحث التاريخي إلى قسمين:
- مصادر أولية : المقصود بها المصادر الأصلية للمعلومات كالوثائق الأصلية، والوثائق الحكومية، والملاحظون المباشرون وما إلى ذلك .
- مصادر ثانوية: المقصود بها المصادر الغير مباشرة للمعلومات كالكتب وغيرها، ويمكن أن نقول أن المصادر الثانوية غالبا ما تكون نقل عن مصدر أولي .
فمن الأفضل للباحث استخدام المصادر الأولية في بحثه عن الثانوية لقربها من الحقيقة ،ولكن هذا لا يعني أن نقلل من أهمية استخدام المصادر الثانوية .
الخطوة الرابعة: تقويم (نقد) البيانات :
المقصود بتقويم البيانات هو التأكد من صدق المصدر و صحة المعلومة التي تم الأخذ بها، فقبل الشروع بكتابة البحث بشكل نهائي لا بد من تحليل المعلومات و فرزها و التأكد من دقتها .و تزداد الحاجة إلى تقويم البيانات كلما كان الفارق بين زمن حدوث الواقعة التاريخية و زمن تسجيلها كبير.
و هناك نوعان لتقويم البيانات أو ما يسمى بنقد البيانات :
1- التقويم (النقد) الخارجي :أي نقوم بدراسة المادة و التأكد من أصالتها من الخارج, و العوامل التي تساعد في ذلك هي التأكد من شخصية المؤلف، وصحة العوامل الزمانية والمكانية الواردة بالوثائق مع الوقائع الفعلية المتعلقة بأحداث البحث.
2- التقويم ( النقد) الداخلي : يهتم النقد الداخلي بمحتوى الوثائق ، ودراسة صحة الوثيقة ، و الحالة النفسية و العقلية للباحث ، ومدى ايمانه بما كتب ، ومدى انحيازه أو حيادته في بحثه ، ويتم التأكد من ذلك استنادا على عدة أسئلة :
● لماذا كتب الباحث هذه الوثائق ؟
● هل اعتمد في بحثه على ملاحظات مباشرة أو غير مباشرة ؟
●هل قدم الحقيقة أم حاول تحريفها ؟
● هل هناك تناقض بين الموضوع و المحتوى ؟
الخطة الخامسة : صياغة الفروض :
يتطلب البحث التاريخي كما في بقية مناهج البحث إلى فرض العديد من الفرضيات من أجل دراسة و توجيه البحث، لأن الأحداث التاريخية لم تكن دقيقة , و إن وضع الفرضيات يجعل الباحث يطرح الكثير من الأفكار ، و يعتبر هنا النقد الخارجي و الداخلي اختبار لهذه الفرضيات فإما يثبت صحتها أو ينفيها .
الخطوة السادسة: العرض التاريخي و كتابة تقرير البحث :
وهي الخطوة الأخيرة من خطوات كتابة البحث التاريخي , فأن البحث الذي قضى الباحث بدراسته وقت طويل يتطلب عرضه بطريقة علمية .
لذا يجب على العرض التاريخي أن يستوفي شروطه الأساسية و التي هي :
♦ أن يتمتع الباحث قدرة على التعبير باللغة التي يكتب بها ، فيختار الألفاظ والجمل التي تعبر عن غرضه ،ويستخدم لغة سهلة و واضحة تناسب بحثه ، و على الباحث أن يكتب بإسلوبه الخاص دون أي تقليد لغيره .
♦ على الباحث أن يكتب ليوضح النتائج ، فلا يكتب بطريقة أدبية صرفية مثيرة للمشاعر لأنه من الممكن أن يضطر لتغيير الحقائق .
♦ على الباحث أن يعرض حقائق بحثه كما فهمها و بصورة جذابة للقارئ أي يجمع بين البساطة و الدقة .
♦ على الباحث أن يوضح للقارئ الحقائق التي قدمها بالأدلة والبراهين ، فأغلب القراء لا يتطلعون إلى المراجع .
♦ على الباحث أن يضع بذهنه احتمالية الخطأ ببحثه، و هذا يتطلب منه المبادرة بتصحيحه ، إضافة لصراحته في حال عدم ثقته بنقطة ما في بحثه .
♦على الباحث وضع هوامش في أسفل الصفحات أو بعد نهاية كل فصل وذلك من أجل تأريخ الوقائع .
♦ على الباحث أن يضع ملاحق للبحث ،أي تقديم أو نشر نصوص ذات أصول تاريخية ، وهو أمر جوهري ، لأن الباحث في هذه الحالة يقدم شيئا من المادة الأولية للقارئ.
♦ تنظيم قائمة المراجع التي رجع إليها المؤلف ، وترتيبها ترتيبا أبجديا بحسب أسماء مؤلفيها.
و نستنتج مما سبق : تكمن أهمية البحث التاريخي في فهم ثقافة الباحث من خلال الأحداث التي يكتب عنها و الأحداث التي يتنبأ حدوثها بالمستقبل، فالبحث التاريخي هو الأسلوب الوحيد الذي يدرس ظواهر تطور الإنسان بمختلف جوانب الحياة .
يقدم موقع مبتعث للدراسات والاستشارات الاكاديمية العديد من الخدمات في رسائل الماجستير والدكتوراة لطلبة الدراسات العليا .. لطلب اي من هذه الخدمات